لم أشك ولو لحظة واحدة أن الكرة الذهبية ستعطى للاعب غير إسباني، كنت واثقا كغيري من الأسبان أن لاعبا من اللاروخا الذين حملوا كأس العالم سيفوز باللقب، قبل أن تعلن النتيجة كنا ساخطين لأن الحارس وقائد المنتخب وريال مدريد إيكر كاسياس لم يكن من بين الثلاثة المرشحين، كنا نقول لأنفسنا أنهم وضعوا ميسي في القائمة لكي لا تكون إسبانية مئة في المئة، ربما كان هذا ما يبرر وجود ميسي الذي فشل فشلا ذريعا مع المنتخب الأرجنتيني في كأس العالم وتلقى هزيمة ثقيلة من ألمانيا، لم يفز ميسي بشيء في العام الفائت قاريا وعالميا، ولا أعتقد بأن قيادته لبرشلونة للفوز بالليجا تكفي كي يفوز بالكرة الذهبية!. وإذا كانت تكفي فإن أنيستا وتشابي فازوا بالليجا وكأس العالم، تلك البطولة الصغيرة ربما في نظر من صوت لغير اللاعبين.
ولكن ما الذي حدث وكيف دخل ليونيل ميسي السباق من الأساس وأبعد كاسياس وشنايدر؟ ولماذا تفوق ميسي على تشابي وأنيستا بطلي كأس العالم على الرغم من إخفاقه مع منتخب بلادة، وما رأي الصحفيين الذين صوتوا والذين هم من يقرر في كل مرة من الفائز بالكرة الذهبية؟.
كل هذه الأسئلة لها إجابات ربما تكون غريبة بعض الشيء وربما تكون منطقية لدى البعض. ولكي نعرف ما حدث بالضبط في عملية التصويت وكيف فاز ليونيل ميسي وخسر الأبطال الحقيقيون (من وجهة نظري) لابد من معرفة الاتفاق الذي تم في شيء من السرية بين الفيفا والقائمين على جائزة الكرة الذهبية في مجلة (فرانس فوتبول). جائزة الكرة الذهبية حققت في السنوات الماضية أهمية كبيرة في عالم كرة القدم بقدر الأهمية التي حققتها جائزة أفضل لاعب في العالم والتي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم، هذا الأمر أدى إلى غيرة وقلق الاتحاد الدولي ورئيسه جوزيف بلاتر، لذلك قرر الفيفا أن يفعل شيئا حيال الوضع القائم سابقا، فلم تكن هناك إلا طريقتين وهي تحدي (فرانس فوتبول) ومحاربة جائزة الكرة الذهبية، أو رعاية تلك الجائزة وسحب البساط بذكاء من تحت أقدام المجلة الفرنسية، الفيفا عرضت على (فرانس فوتبول) دمج الجائزتين (الكرة الذهبية التي تمنحها فرانس فوتبول وجائزة أفضل لاعب في العالم التي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم)، عقد الجانبان الاجتماعات وتم مناقشة الآلية والأسس التي يمكن من خلالها دمج الجائزتين وتكونان تحت رعاية الفيفا، تمسك الفرنسيون بطريقة التصويت التي تتم عبر الصحفيين، ووافق الفيفا على أن يشترك الخبراء والمدربون وقادة المنتخبات في العالم ويكون لهم دور في التصويت، المجلة الفرنسية وافقت لأن جائزتها أصبحت تحت رعاية أقوى منظمة تعنى بشؤون كرة القدم مما يعطيها مصداقية أكثر ويزيد من أهميتها، كما سيشارك الفيفا أو سيكون هو الجهة التي تتحمل ما يتعلق في التنظيم والتحضيرات اللازمة للحفل والكثير من المسائل التي كانت ترهق المجلة العالمية، كما أن دمج الجائزتين يزيل الجدل الدائم في أي منهما أهم ويلغي الاتهامات المتبادلة في مصداقية كل واحدة والتي يطلقها جمهور لاعب بسبب خسارته الجائزة الأولى وربحه للثانية والعكس صحيح. بعد دمج الجائزتين تغيرت آلية التصويت كما أشرنا سابقا وتغير اسم من يستحقها أو بطلها الطبيعي.
فرانس فوتبول رشحت الاسبان ولكن الفيفا أراد الأرجنتيني!
لقد استخدمت الآليتين في التصويت، الآلية التي كانت المجلة تتبعها لترشيح الفائز بجائزة الكرة الذهبية والتي تعتمد على أصوات الصحفيين، وآلية الفيفا والتي تعتمد على المدربين وقادة المنتخبات، والغريب أن الصحفيين اختاروا ميسي ليكون ثالثا بعد تشابي وأنيستا ولكنه فاز في تصويت المدربين وقادة المنتخبات العالمية، ولو كانت الكرة الذهبية لا تزال بنظامها القديم أي تعتمد على الآلية السابقة قبل دمج الجائزتين لما فاز بها ليونيل ميسي!. ولكن الآلية الجديدة هي من أعطته الجائزة وسرقتها من إسبانيا مثلما يحدث في كل مرة. في السابق نقول بأن راؤول ليس محظوظا أو أن شيء ما حدث كي لا يفوز كاسياس، وفي هذه المرة التي كان لاعب إسباني يستحقها تم تغيير نظام التصويت وتذهب الجائزة إلى الأرجنتين، لم نأخذ إلا الفحم في هذا الشتاء البارد، خيبة أمل كبيرة مرة أخرى، نهاية العام كانت حزينة جدا، لأننا لم نحصل على حق استضافة كأس العالم 2018 بل أعطى بلاتر روسيا هذا الحق!، جائزة أفضل لاعب في العالم لم تعطى للفائزين بالمونديال!. جائزة أفضل مدرب في العالم لم تعطى أيضا لديل بوسكي الذي جعل اسبانيا تفوز لأول مرة بكأس العالم!!. الكرة الذهبية سقوط ذهبي للجائزة.